Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

كيف واجهت بلاد الشمس أزمتها - قلق اللغويين في اليابان

لعب نظام التعليم الياباني دوراً رئيساً في تمكين الباد من مواجهة التحديات التي تطرحها الحاجة إلى استيعاب الأفكار والعلوم والتكنولوجيا الغربية بسرعة، وكذلك في تعافي اليابان ونموها الاقتصادي السريع في العقود التي تلت نهاية الحرب العالمية الثانية.

كان تعليم القراءة والكتابة حاضراً في اليابان بشكل ما منذ وجود الكتابة الصينية والبوذية في اليايان خلال القرن السادس. في عام 701 م، أُنشئت مدارس لأطفال النبلاء، في كل من العاصمة والمقاطعات. في بداية فترة جاماكورا ( 1185 - 1333 م)، تلقَّى عدد متزايد من أطفال الساموراي التعليم الرسمي، ولكن لم يصبح التعليم خلال 250 سنة من السلام في فترة إيدو ( 1600 - 1868 ) منتشراً بالشكل المطلوب على نطاق واسع بين كل من النخبة والناس العاديين.

وجد أحدث إحصاء أجري في اليابان قبل 10 سنوات أن أكثر من
128,000 شخص تركوا المدرسة في سن الثانية عشرة، بعضهم
بسبب سوء المعاملة المنزلية، والبعض الآخر بسبب المرض.

كان التعليم في فترة إيدو أساساً عبارة عن مفاهيم كونفوشيوسية تؤكد التعليم عن بعد ودراسة الكلاسيكيات الصينية. تطور نوعان رئيسان من المدارس: النوع الأول هو مدارس «هانكو » التي كانت موجودة في أكثر من 200 نطاق بحلول نهاية الفترة، وقدمت التعليم في المقام الأول إلى أطفال من فئة الساموراي. النوع الثاني من مدارس «تيراكويا » التي التحق بها أطفال العامة وكذلك الساموراي، ركَّزت على التدريب الأخلاقي وتعليم القراءة والكتابة والحساب. كان يدير «تيراكويا » عادة مدرّس واحد لكل طالبين، وكان هناك عشرات الآلاف من هذه المدارس في نهاية فترة إيدو.

وقُدِّر معدل معرفة القراءة والكتابة في اليابان بحسب موقع «إيشيا إنفو » في عام 1868 بنحو 40 في المئة، وهو مستوى قورن بشكل إيجابي مع العديد من الدول الغربية في ذلك الوقت. لولا هذا الأساس التعليمي، لما كان التحديث السريع الذي تحقق في السنوات التالية ممكناً.

أراد قادة فترة ميجي تطوير وبدء نظام تعليمي يمكّن اليابان من توحيد البلاد وجعلها ترقى إلى المستوى الغربي. أنشأ نظامهم ثلاثة مستويات: الابتدائية، والمتوسطة، والجامعة. كان على الصبيان والبنات الالتحاق بالمدارس في المرحلة الابتدائية. بعد الحرب العالمية الثانية، تم سن القانون الأساسي للتعليم وقانون التعليم المدرسي في عام 1947 تحت إشراف قوات الاحتلال. حدد القانون الأخير النظام الذي لا يزال قيد الاستخدام حتى اليوم: ست سنوات من المدرسة الابتدائية، ثلاث سنوات من المدرسة الإعدادية، ثلاث سنوات من المدرسة الثانوية، سنتان أو أربع سنوات من الجامعة. الالتحاق بالمدارس الابتدائية والثانوية إلزامي.

يتم توفير التعليم قبل المدرسة الابتدائية في رياض الأطفال ومراكز الرعاية النهارية. تقوم مراكز الرعاية النهارية العامة والخاصة بنقل الأطفال من عمر أقل من سنة حتى 5 سنوات. تشبه برامج هؤلاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3- 5 سنوات الأطفال في رياض الأطفال. يتنوع النهج التعليمي في رياض الأطفال اختلافاً كبيراً من البيئات غير المنظمة التي تركز على اللعب إلى البيئات شديدة التنظيم التي تركز على اجتياز الطفل لامتحان القبول في مدرسة ابتدائية خاصة.

يابانيون أمّيّون

أما الآن، في دولة متقدمة مثل اليابان، تعتبر معرفة القراءة والكتابة أمراً مسلَّماً به تقريباً. وأغلب المجتمع الياباني يظن أن جميع الناس من حولهم يمكنهم القراءة والكتابة دون عناء. لكن مرت عقود منذ أن نظر أي شخص عن كثب فيما إذا كان هذا الكلام صحيحاً، ويأمل الآن بعض الباحثين في إلقاء الضوء على ما يقولون إنه مشكلة خفية.

يعمل تاكيشي إينوي، البالغ من العمر أربعة وثلاثين عاماً، بجهد كبير في العديد من المهام اليومية التي لا يفكر بها معظم الناس مرتين؛ فهو لا يستطيع قراءة الصحف، أو حتى علامات الشوارع، ولا يعرف كيفية كتابة عنوانه. عندما كان إينوي في التاسعة من عمره، تم تشخيص إصابته بمرض السكري وفقد الكثير من سنواته في المدرسة. ثم مرضت والدته وكان عليه أن يعتني بها، الأمر الذي عطل تعليمه أكثر.

من المحتمل أن تزداد الأمية الأجنبية نظراً لأن اليابان ترحب
بمزيد من العمال الأجانب للمساعدة في مواجهة النقص
الحاد في اليد العاملة.

الآن يحاول إصالح ذلك. يذهب إلى الفصول الدراسية المسائية، ويدرس من كتاب مدرسي ابتدائي. يقول إينوي: «إن الكثير من الناس لا يملك أدنى فكرة عن مشكلتي. عندما أتحدث، من الصعب على أي شخص أن يرى فداحة الأمر. لا أعتقد أنني الوحيد الذي يكافح الأمية في اليابان».

ولكن لا أحد يعرف حقاً. تم إجراء آخر مسح لمحو الأمية على مستوى الب الد في عام 1948 . كانت قوات الحلفاء تحتل اليابان في ذلك الوقت، وكانت تدرس إصالح النظام التعليمي حتى أرادوا معرفة عدد الأشخاص الذين يستطيعون القراءة والكتابة. وجدوا أن أكثر من 97 في المئة من السكان في مقدوره القراءة والكتابة.

رغم عدم وجود بيانات حكومية محدّثة، إلا أن هناك علامات تشير إلى أن الأمية قد تكون أكثر شيوعاً مما يعتقده اليابانيون. وجد أحدث إحصاء أجري قبل عشر سنوات أن أكثر من 128.000 شخص تركوا المدرسة في سن الثانية عشرة، بعضهم بسبب سوء المعاملة المنزلية، والبعض الآخر بسبب المرض.

أمّيّة الأجانب

ولا تتعلق قضية الأمية - بحسب موقع شبكة «إن إتش كي » اليابانية - فقط باليابانيين الذين فاتتهم الدراسة. كما أن السكان الأجانب في تزايد، والكثير من الناس من الخارج يكافحون لتعلم القراءة أو الكتابة باليابانية. جاء مراهق من نيبال، طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى اليابان قبل ثلاثة أعوام والتحق بالمدرسة الثانوية. لكنه لم يستطع التواصل مع أساتذته أو زملائه في الفصل.

يقول: «كنت أعتقد أنني أستطيع تعلُّم اللغة اليابانية من نقطة الصفر، لكن لم يعلمني أحد بذلك في المدرسة ». لذا، يحضر الآن الفصول المسائية للحاق بالركب، ويقول إنه يأمل في الذهاب إلى المدرسة الثانوية ثم الجامعة، وفي نهاية المطاف سيجد عم الً مع شركة يابانية.

من المحتمل أن تزداد الأمية الأجنبية نظراً لأن اليابان ترحب بمزيد من العمال الأجانب للمساعدة على مواجهة النقص الحاد في اليد العاملة. قدمت الحكومة برنامج تأشيرة عمل جديدة تقول إنها ستجذب نحو 345 ألف شخص من الخارج خ الل السنوات الخمس القادمة.

إن تعلم القراءة والكتابة يسمح
للأشخاص بالعيش حياة كاملة
والقدرة على حماية حقوقهم
والبقاء في أمان.

يمكن للأشخاص الذين يفتقرون إلى التعليم اللجوء إلى المدارس المسائية التي تديرها الحكومة. لكنهم يعملون في 9 من أصل 47 محافظة يابانية فقط. يدير المتطوعون فصولاً مسائية للمساعدة في سد هذه الفجوة، لكن أحد المعلمين، ويدعى نوبوهيتو شيرونووتشي، يقول: إن الأمية أكثر شيوعاً مما يعتقد معظم اليابانيين.

ويحاول هيروشي نوياما، الأستاذ المشارك في المعهد القومي للغويات واللغة اليابانية، وضع رقم لذلك، حيث يقود فريقاً من الباحثين الذين يخططون لتقييم مدى قدرة الأجانب واليابانيين الذين يحضرون الفصول المسائية على القراءة والكتابة. تتمثل الفكرة في تحديد مدى المشكلة تقريباً، وحمل الحكومة على إجراء مسح وطني، والمساعدة في إنشاء خريطة طريق لحل المشكلة.

يقول نوياما: إن تعلم القراءة والكتابة يسمح للأشخاص بالعيش حياة كاملة وحماية حقوقهم والبقاء في أمان. ويضيف: «من المهم معرفة ما يجب القيام به لضمان قدرة كل شخص يعيش في الب الد على القراءة والكتابة باللغة اليابانية، على الأقل في المستوى الأساسي».

 

المصادر:
موقع شبكة NHK و asiainfo