Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

الين يتجه إلى الهبوط

في الثاني والعشرين من سبتمبر، اشترت الحكومة اليابانية الين من سوق الصرف الأجنبي للمرة الأولى منذ عام 1998. كانت وزارة المالية تحاول وقف انزلاق الين السريع، ولفترة من الوقت بدا الأمر وكأن التدخل بضخ 20 مليار دولار نجح في أداء الغرض منه: فقد ارتفعت قيمة الين من نحو 146 يناً للدولار إلى أقل قليلاً من 141 يناً. ولكن بعد فترة وجيزة من انتهاء التدخل، بدأ الين يتراجع. ظل سعر الدولار مقابل الين أقل من 164 يناً، أي عند مستوى نقطة التدخل، لمدة ثلاثة أسابيع تقريباً، قبل أن يهبط إلى ما يقرب من 150 يناً في التاسع عشر من أكتوبر.

قد يتساءل المرء ما إذا كان هذا التطور أمراً سيئاً. لكن العملة الضعيفة من المفترض أن تعود بالفائدة على الصادرات ــ وتعزز النمو الاقتصادي، بالتالي.

تكمن المشكلة في أن شركات التصنيع اليابانية اتجهت على نحو متزايد إلى تحويل مرافق إنتاجها إلى الخارج في العقود الأخيرة. ورغم أن انخفاض قيمة الين يؤدي إلى تضخم أرباح الشركات التابعة الأجنبية، فإنه لا يعزز حجم الصادرات أو مستويات تشغيل العمالة المحلية، على الأقل ليس على الفور.

الواقع أن انخفاض قيمة الين لا يجلب القليل من الفوائد فحسب؛ بل ينطوي أيضاً على تكاليف عالية، في هيئة تضخم مستورد. فقد بلغ معدل تضخم المستهلك في اليابان 3 % في أغسطس. ورغم أن هذا قد يبدو متواضعاً مقارنة بالتضخم في أماكن أخرى ــ في الولايات المتحدة على سبيل المثال ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 8.2 % في سبتمبر ــ فإنه أعلى معدل تشهده اليابان منذ عام 1991.

وقد فَـرَضَ هذا ضغوطاً شديدة على حكومة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا، التي جعلت مكافحة التضخم وتخفيف تأثيره على رأس أولوياتها. وكانت محاولة الحد من انخفاض قيمة الين ــ الذي يعتبره عامة الناس مسؤولاً عن زيادات الأسعار ــ خطوة طبيعية في هذه العملية.

من المؤكد أن التدخلات في أسواق الصرف الأجنبي تكون عادة مشحونة سياسياً، ويؤكد الإجماع بين دول مجموعة السبع على أن تحركات سعر الصرف يجب أن تحددها قوى السوق. لكن مجموعة السبع تتفق أيضاً على أن التقلب المفرط أمر غير مرغوب. ويبدو أن تحركات سعر صرف الين ــ أو على وجه التحديد انخفاض قيمته بأكثر من 25 % مقابل الدولار هذا العام ــ تلبي هذا الشرط. في الثاني والعشرين من سبتمبر، انخفضت قيمة الين بمقدار 2 ين لكل دولار قبل إغلاق يوم العمل، عندما بدأ التدخل. ومع نـمو انحراف سعر الصرف بعيداً عن الاتجاه الطويل الأجل، ينمو أيضاً الحافز للتدخل.

مع ذلك، يزعم كثيرون أن محاولات اليابان دعم الين يحبطها بنكها المركزي. يتمثل أحد الأسباب الرئيسية وراء انخفاض قيمة الين في حرص بنك اليابان على الإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة للغاية ــ يبلغ السعر الرسمي 0.1 % بالسالب، في حين يبلغ سعر الفائدة عل السندات لأجل عشر سنوات 0.25 % ــ حتى في حين ترفع بنوك مركزية أخرى أسعار الفائدة. لذا، كانت رؤوس أموال الـمَـحافِظ تتدفق إلى خارج اليابان باتجاه اقتصادات مثل الولايات المتحدة.

في كل الأحوال، تقع الدوافع الرئيسية وراء انخفاض قيمة الين خارج نطاق سيطرة كل من وزارة المالية وبنك اليابان. فقد ارتفعت أسعار الطاقة بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا، وفي وقت أقرب إلى الزمن الحاضر، بسبب القرار الذي اتخذته منظمة أوبك + بخفض إنتاج النفط. كما تعززت قيمة الدولار مقابل كل العملات الرئيسية بفعل إحكام السياسات النقدية التي ينتهجها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

إذا انخفضت قيمة الين على نحو مفاجئ مقابل الدولار ــ وليكن ذلك بسبب أنشطة المضاربة ــ فقد تتدخل وزارة المالية مرة أخرى. لكن ما دامت الأساسيات الاقتصادية الحالية والظروف الخارجية قائمة، فسوف تستمر قيمة الين في الانخفاض، وسوف تستمر اليابان في استيراد التضخم. وليس لليابان أن تتوقع عكس اتجاه انخفاض قيمة الين بأي طريقة دائمة، إلا إذا تغيرت الظروف ــ وخصوصاً إذا انخفض التضخم في الولايات المتحدة.

* نائب مساعد وزير مالية اليابان الأسبق، وأستاذ في كلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا، وكبير أساتذة المعهد الوطني للدراسات السياسية العليا في طوكيو