Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

أجندة التجارة الإفريقية غير المُكتملة

هيبوليت فوفاك

القاهرة - تَعِد اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)، التي دخلت حيز التنفيذ في الأول من يناير/كانون الثاني من العام الماضي، بتسريع تنويع اقتصادات المنطقة والحد من تأثير دورات أسعار السلع الأساسية على النمو. وفي حين تهيمن السلع الأولية والموارد الطبيعية على التجارة الخارجية في إفريقيا، كانت أول شحنة بموجب اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية - من غانا إلى جنوب إفريقيا - تشمل سلع مصنعة من النوع الذي يقود التجارة بين البلدان الإفريقية إلى حد كبير.

لذلك، يأمل العديد من المراقبين في أن تعمل مبادرة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية - من خلال إنشاء سوق موحدة تضمُّ 55 دولة يبلغ مجموع سكانها أكثر من 1.3 مليار نسمة وناتج محلي إجمالي مُجمع يبلغ 3.4 تريليونات دولار - على تحفيز التصنيع مع استفادة الشركات من وفورات الحجم لتقاسم مخاطر الاستثمار في الأسواق الأصغر حجمًا. وتحقيقًا لهذه الغاية، ستعمل اتفاقية التجارة على إلغاء التعريفات الجمركية المفروضة على 90٪ من السلع (الهدف النهائي هو تحرير 97٪).

ومن المرجَّح أن تعمل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية على تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مختلف أنحاء إفريقيا - تُشير الأدلة التجريبية في بلدان أخرى إلى أنَّ الانضمام إلى منطقة التجارة الحرة يمكن أن يرفع هذه الاستثمارات بنحو الربع - وتحويل تركيزها من الموارد الطبيعية إلى الصناعات التحويلية كثيفة العمالة. علاوة على ذلك، تنطوي الاتفاقية على إمكانية تحويل الاقتصادات الإفريقية، وزيادة حصة القارة في التجارة العالمية بشكل كبير، وتعزيز قدرتها التفاوضية في مفاوضات التجارة الدولية.

ومع ذلك، في حين وصفت العديد من الدول اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية باعتبارها أداة لتغيير قواعد اللعبة في إفريقيا، فإنَّ تحرير التجارة وحده لن يضمن بالضرورة النجاح الاقتصادي.

من المؤكّد أنَّ الاتفاقية حظيت بقدر كبير من الاهتمام في الأوساط الأكاديمية والسياسية. فقد قام البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، والبنك الإفريقي للتصدير والاستيراد بتجميع دراسات مُستفيضة حول التأثير المحتمل لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية. وقد نشرت مجلة التجارة الإفريقية أخيرًا عددًا خاصًّا عن "منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية والتجارة الإفريقية"، والذي قمت بتحريره بالاشتراك مع أندرو مولد من اللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة.

تُشير كلُّ هذه التحليلات إلى الأثر الحاسم والإيجابي للاتفاقية في التنمية الاقتصادية. وعلى وجه التحديد، تُعدُّ النتائج التجريبية وفقًا لنماذج التوازن العام القابلة للحساب - والتي تسمح بتأثيرات تحويل وخلق التجارة المترتبة على الصدمات الجمركية وغير الجمركية من خلال استغلال الميزة النسبية للبلدان وتعديلات الأسعار - مُشجعة للغاية. وتُظهر التقديرات الإجمالية للعناوين الرئيسة المستمدة من هذه النماذج أنَّ اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية ستسهم في زيادة معدل الناتج المحلي الإجمالي لإفريقيا بنسبة 0.5٪ بعد التنفيذ الكامل لها في عام 2045، مقارنة بسيناريو لا يشمل التكامل التجاري القاري.

سوف يعرف معدل الأجور الحقيقية ارتفاعًا بالنسبة للعمال المهرة وغير المهرة على حد سواء، وخاصة بالنسبة للعمال غير المهرة، مما يشير إلى تحوُّل نحو نمو أكثر شمولاً. يقدر البنك الدولي أنَّ من شأن اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية أن تنتشل 30 مليون شخص من براثن الفقر المدقع ونحو 68 مليون شخص من الفقر المعتدل بحلول عام 2035، مع استفادة النساء أكثر من الرجال. يمكن أن يكون للتكامل التجاري أيضًا تأثيرًا كبيرًا في مستوى الأسر والشركات، حيث من المتوقَّع أن يصل إجمالي الإنفاق الاستهلاكي والتجاري إلى 6.7 تريليونات دولار بحلول عام 2030.

ومن المتوقَّع أن تنمو التجارة داخل إفريقيا بقوة في ظل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، مع زيادة الصادرات داخل القارة بنسبة 34٪ (أي ما يعادل نحو 133 مليار دولار سنويًّا) مقارنة بسيناريو لا يتضمَّن أي اتفاقية. علاوة على ذلك، من المرجَّح أن يتمَّ تحقيق نحو ثلثي المكاسب التجارية بين البلدان الإفريقية في قطاع الصناعة التحويلية - والذي يعدُّ تاريخيًّا العامل الأكثر فاعلية للخروج من الفقر. وهذا من شأنه أن يمهد الطريق لعلاقة مُعززة للرفاهية ومُتداعمة بين التجارة والتصنيع داخل المنطقة، الأمر الذي يؤدي إلى نمو مستدام لوظائف التصنيع ذات الأجر الجيد مع توسيع القواعد الضريبية للبلدان وتحسين حساباتها الخارجية.

ومع ذلك، تؤدي الحواجز غير التعريفية الكبيرة والاختلافات التنظيمية والمعايير الصحية والصحة النباتية، والمعايير الفنية المتباينة إلى زيادة تكاليف التجارة عبر الحدود داخل إفريقيا بنحو 14.3٪، وهو معدل أعلى بكثير من متوسط التعريفة الجمركية البالغ 6.9٪. من شأن إزالة هذه القيود وتعميق عملية دمج الشركات الإفريقية في سلاسل القيمة العالمية أن يُعزِّز إلى حد كبير التجارة بين البلدان الإفريقية ويدفع عجلة النمو. ويقدر البنك الدولي أنَّ التنفيذ الكامل لاتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية قد يرفع معدل الدخل الحقيقي لإفريقيا بنسبة 7٪ (نحو 450 مليار دولار) بحلول عام 2035، مع اتخاذ تدابير لتيسير التجارة للحد من الروتين وتبسيط الإجراءات الجمركية المسؤولة عن 292 مليار دولار من هذه الزيادة.

إنَّ من شأن التغلُّب على العجز المزمن في الهياكل الأساسية في إفريقيا - المادية والرقمية على حد سواء - أن يعزز قوة خلق التجارة ويساعد على ضمان التنفيذ الناجح لاتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية. ومن خلال معالجة القيود التي تعاني منها القارة في جانب العرض، يمكن لصُنّاع السياسات تعزيز كلٍّ من الإنتاج والخدمات اللوجستية في منطقة تضمُّ عددًا من البلدان غير الساحلية (16) أكبر من أي منطقة أخرى. وبينما يسعى المستثمرون إلى الاستفادة من الميزات التي تُتيحها اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، ينبغي أن يكون تحقيق التكامل بين الأسواق وتحسين القدرة على التواصل على رأس الأولويات.

كما يُعدُّ توضيح قواعد المنشأ الخاصة باتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية - التي تحدد ما إذا كانت المنتجات معفاة من الرسوم الجمركية بموجب الاتفاقية - أمرًا أساسيًّا لتسريع عملية التصنيع وتطوير سلاسل القيمة الإقليمية. وعلى الرغم من التحديات الناجمة عن أزمة فيروس كوفيد 19، فقد أحرز المفاوضون تقدمًا كبيرًا بشأن اتفاقية قواعد المنشأ، والتي من المقرر إبرامها في وقت لاحق من هذا العام. وهذا من شأنه أن يمهد الطريق أمام مفاوضات المرحلة الثانية بشأن المحركات الرئيسة للنمو في المستقبل، بما في ذلك البروتوكولات الخاصة بالاستثمار وسياسة المنافسة وحقوق الملكية الفكرية.

ومع ذلك، كما يُشير الاندفاع إلى إبرام اتفاقيات تجارية ثنائية مع بلدان طرف ثالث، فإنَّ التحدي الأكثر أهمية في مجال التكامل التجاري في إفريقيا قد يكون التحدي الدائم المتمثل في وضع المصلحة الجماعية للمنطقة في المقام الأول. وعلى الرغم من أنَّ اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية لا تمنع الدول الأعضاء من الدخول في هذا النوع من المفاوضات، فإنَّ الصفقات الثنائية مع أطراف ثالثة يمكن أن تؤثر في أنماط التجارة الإفريقية وتضع سوابق لقواعد التجارة والاستثمار الإقليمية. ومن الناحية العملية، يمكن أن تؤدي إلى تحويل مسار التجارة، نظرًا إلى أنَّ شرط الدولة الأولى بالرعاية في اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية يوسِّع تلقائيًّا الامتيازات التعريفية الممنوحة لطرف ثالث إلى أعضاء اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.

وكما قال جيفري ساكس: "من دون أدنى شك، إذا أصبحت إفريقيا متكاملة اقتصاديًّا، فسوف تُصبح رائدة عالمية وأكبر منطقة اقتصادية على مستوى العالم". وحتى وقت كتابة هذا التقرير، صادقت 41 دولة على اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية. ولكن إذا كان لهذه الاتفاقية أن تصبح نقطة انطلاق لاندماج إفريقيا الأعمق في الاقتصاد العالمي، فيتعيَّن على الحكومات استكمال تحرير التجارة بتدابير قوية لتسهيل التجارة، وتعزيز التنسيق الإقليمي من أجل التعامل مع الشركاء الخارجيين ككتلة تجارية مُوحدة.

هيبوليت فوفاك هو كبير الاقتصاديين ومدير الأبحاث في البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد (افريكسيمبنك).

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2022.
www.project-syndicate.org