Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

العمارة ما بعد كوفيد-19.. أساليب ابتكارية

بعد ظهور فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19 » ، قد لا تبقى الطريقة التي نصمم ونبني بها المدن نفسها، فالمساحات الضيقة في العمل ربما تصبح مرفوضة، كما لا يمكن لأي مكان أن يعود مزدحماً كما كان.

بالنظر إلى الاستجابة البنّاءة لوباء فيروس «كوفيد-19 » ، لجأ العديد من المهندسين المعماريين إلى أفضل ما يعرفونه في التصميم والابتكار. فقد شكّلت القيود الجديدة المفروضة على المجتمع حافزاً لإعادة التفكير في الكثير مما نعتبره أمراً مفروغاً منه في البيئة المعمارية. ويؤكد ناثانيال بهادورسينغ في مقال له كيفية التكيف مع نمط الحياة الجديد، وفرضه المعايير الجديدة بعد اندلاع جائحة كورونا.

على الرغم من أننا لا نستطيع أن نقول بالضبط كيف سيبدو المستقبل، لكن يمكننا معاينة الاتجاهات الحالية والتكتيكات والمفاهيم التي لعبت أدواراً ضخمة خلال الوباء. قد يكون للاتجاهات التالية تأثيرات طويلة الأمد على طريقة تصميم المدن، وهي:

الابتعاد عن المكاتب الكبيرة

عمل الناس في جميع أنحاء العالم من المنزل بسبب إجراءات الإغلاق بسبب كورونا في المناطق التجارية المركزية، حيث هجروا مباني المكاتب وناطحات السحاب الكبيرة. بعد أن تم، ولا يزال يتم، العمل عن بعد، يعيد البعض تقييم الحاجة إلى مثل هذه المساحات الواسعة والمكلفة.

وهذا يشمل الرئيس التنفيذي ل"بنك باركليز »، جيس ستالي، الذي قال في بيان لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي": «سيكون هناك تعديل طويل المدى لاستراتيجية موقعنا. قد تكون فكرة وضع 7000 شخص في المبنى من الماضي ». من المؤكد أن العمل عن بعد سيخفض التكاليف؛ ومع ذلك، فإن غياب هذه المكاتب يمكن أن يضر بالأعمال المحيطة. ولذلك قد يلوح في الأفق إعادة تخصيص طويلة الأجل لاستخدامات المباني في مناطق الأعمال المركزية.

هندسة الشوارع

بما أن الناس محاصرون داخل منازلهم، فقد انخفض استخدام السيارات بشكل كبير. ونتيجة لذلك، تُركت الشوارع خاوية، وانخفضت انبعاثات الغازات الدفيئة. كان التأثير على أسعار النفط كبيراً أيضاً. وقامت بعض المدن بتحويل الشوارع الفارغة مؤقتاً إلى مناطق للمشي وركوب الدراجات فقط. وفقاً ل «بي بي سي فيوتشر »، أعلنت ميان الإيطالية أنها ستحول 21.7 ميلاً من شوارعها لركوب الدراجات بعد إغلاقها.

على الرغم من أن هذه الأزمة العالمية كانت ضارة بسبل عيش الملايين، كان تأثير الوباء على البيئة إيجابياً. وبحسب «بي بي سي فيوتشر »، فإن «انبعاثات الكربون من حرق الوقود الأحفوري تتجه إلى انخفاض قياسي يبلغ 5.5 - %5.7» . إذا ما كان هذا الوباء العالمي هو المحفز لحركة مستدامة بعيداً عن الاعتماد على السيارات، فلا يزال يتعين النظر إليه بطريقة مختلفة، لكن الظروف الحالية تقدِّم فكرة عن بيئة أكثر ملاءمة للمشاة.

تصميم جديد للأماكن العامة يمكن أن تتغير طريقة تصميم الأماكن العامة في عالم ما بعد الوباء إلى جانب كيفية تحديد أولوياتها في المناطق الحضرية. نظراً لأن الوباء حوّل الأشخاص إلى مشاة في صورة تامة، كانت الأماكن العامة تشكّل بعضاً من مصادر الترفيه القليلة خارج المنزل. يقول سام لوبيل من صحيفة «لوس أنجلوس تايمز « :» سنكرِّس في نهاية المطاف المزيد من الموارد لمساعدتنا على التجمع وتعزيز الروابط المجتمعية المضطربة، سواء من خلال المتنزّهات أو الساحات العامة أو الحدائق أو المراكز المجتمعية أو الشوارع التي يتم تسليمها للمشاة».

من المهم أيضاً التفكير في كيفية الحفاظ على هذه المساحات الآمنة في أزمنة مثل زمن جائحة «كوفيد-19 » . كشفت شركة الهندسة المعمارية «ستوديو بريشت » عن فكرتها بشأن متنزه موجَّه للحفاظ على البعد الاجتماعي، مع السماح للناس بالتنزه في الهواء الطلق. في حالات الطوارئ المستقبلية، ستستمر مثل الحدائق في توفير مساحات من الراحة والسكينة في المناطق الحضرية.

نماذج مختلفة للمطاعم

نظراً لتخفيف قيود الإغلاق في بعض المواقع الآسيوية، بما في ذلك تايبيه وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية والصين، أعيد فتح المطاعم، مما وفَّر لمحة عما يمكن أن يكون عليه تناول الطعام في الخارج بعد الحجر الصحي. تخضع بعض المطاعم لفحوصات درجة الحرارة الإلزامية عند مداخلها، ومعظمها يتبع قواعد التباعد الاجتماعي. كانت المقاعد محدودة ومتباعدة لإبقاء المستفيدين على مسافة آمنة من بعضهم بعضاً.

كما أن هناك قيوداً على عدد الأشخاص الذين يمكنهم الجلوس على طاولة معاً، ولا تزال الكمامات مطلوبة إلا عند تناول الطعام. كان استخدام الفواصل البلاستيكية لتقسيم الطاولات وأماكن الجلوس أمراً شائعاً. في أحد المطاعم في شنغهاي، كانت هناك آلة رش مطهرة لكامل الجسم تعقّم العماء قبل دخولهم. حتى إن هناك مطعماً في بكين يستخدم الروبوت لتوصيل الطعام. يبقى أن نرى كم عدد اختلافات التخطيط هذه وميزات التصميم المتبقية بعد انتهاء الوباء.

وحدات البناء التجميعية

سلَّطت جائحة كوفيد- 19 الضوء على الحاجة إلى التصميم والبناء بسرعة في حالات الطوارئ. مع استمرار الازدحام في صناعة الرعاية الصحية، لم يكن الطلب على المزيد من المرافق مثل المستشفيات ومراكز الحجر الصحي ومواقع الاختبار والإقامة المؤقتة مرتفعاً على الإطلاق. بسبب الطلب والحاجة الملحّة لهذه المساحات، أصبح البناء المعياري -العملية التي يتم فيها تجميع المباني من خلال الوحدات الجاهزة- شائعاً بشكل متزايد.

تقنية البناء هذه سريعة ومرنة وأقل إهداراً من البناء التقليدي. كما رأينا في ووهان، مركز بؤرة الوباء، استخدمت المدينة طريقة البناء هذه لمستشفيين: منشأة هووشنشان الطبية بسعة 1000 سرير، ومستشفى ليشينشان بسعة 1600 سرير، والتي تم بناؤها في نحو أسبوعين. يمكن أن يكون للطبيعة السريعة والمرنة لهذا البناء استخدامات بعيدة المدى خارج الصناعة الطبية.

إعادة الاستخدام التكيفي

كان شائعاً خلال الوباء نهج آخر للتصميم، وهو إعادة الاستخدام التكيفي، وهي عملية استخدام الهياكل القائمة لخدمة أغراض جديدة. إعادة الاستخدام التكيفي هو نهج فعّال ومستدام لإنشاء مساحات جديدة، خاصة للمدن القديمة. إلى جانب البناء المعياري، ثبت أنه فعّال للغاية في إنشاء مرافق الطوارئ.

تم تحويل مركز جافيتس في نيويورك إلى مستشفى بسعة 2900 سرير، بينما تم تحويل كل من مركز نيو أورليانز للمؤتمرات ومركز ماكورميك في شيكاغو إلى مجمعات بسعة 3000 سرير. وكذلك تم تحويل عدد من المرافق الرياضية إلى مرافق طبية أيضاً.

أبنية خفيفة الوزن

منذ ظهور الوباء، طوَّر الكثير من الشركات العديد من حلول الهندسة المعمارية والتصميم التي تلبي الحاجة إلى مرافق الطوارئ. وقد تم بناء العديد من الخيام، لتكون مستشفيات ميدانية ومراكز اختبار.

وتشمل الأمثلة الأخرى وحدة استعادة سريعة قابلة للنشر السريع، وحاويات شحن محوَّلة إلى حجرات تحتوي على وسائل الترفيه البيولوجي ووحدات رعاية حرجة معيارية يمكن نقلها بسهولة. هذه الهياكل سهلة الحمل والتجميع وخفيفة الوزن، وهي مثالية أثناء الاستجابة للكوارث والأزمات.

العمارة المرنة

على الرغم من أن التصميم المرن ليس مفهوماً جديداً، لكن أصبحت أهمية القدرة على التكيف واضحة بشكل متزايد خلال وباء كوفيد- 19 . لقد أثبت التصميم المرن مدى ضرورته، بدءاً من إنشاء مرافق طوارئ بنظام التحول المؤقت إلى إعادة تنظيم منزل الشخص ليكون ملائماً للعمل عن بُعد. تتطلع شركة معمارية أسترالية تدعى «وودز باغوت»، إلى المستقبل باستخدام نظام خاص بها. يتضمن هذا النظام سلسلة من الجدران والشاشات القابلة للتعديل، حيث يمكن استخدامها لتقسيم شقة ذات مخطط مفتوح إلى مساحات مخصصة مختلفة. يمكن إجراء نفس النهج في المكاتب أيضاً.

وفقاً لمصنعي هذه الحجرات، شركة «فريمري »: تبدو مخططات الأرضيات مختلفة، وستكون أكثر مرونة وسيتم تعديل تخصيص المساحة. ستحتاج الشركات إلى القدرة على تعديل أماكن العمل وتوسيع نطاقها بسرعة في حالة حدوث شيء من هذا القبيل مرة أخرى في المستقبل».