Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

واجب أوروبا تجاه قطاع التعليم في أوكرانيا

نيكي كيراموس

أثينا ـ لقد جلبت الحرب في أوكرانيا صورًا مروعة إلى أوروبا. فقد تمَّ فقدان عدد كبير من الأرواح وسبل العيش. وقد اضطر أكثر من أربعة ملايين أوكراني إلى الفرار، ونزح أكثر من ستة ملايين آخرين داخليًّا. وتحذر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أنَّ هذه هي "أزمة اللاجئين الأسرع نموًّا في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية".

تتسم الحياة اليومية لجميع الأوكرانيين الآن بغياب المأوى الآمن والسلع الأساسية. لكن الوضع أسوأ بالنسبة للأطفال والشباب في أوكرانيا البالغ عددهم 10.7 ملايين. لقد تعرَّض مسار تعليمهم لعرقلة شديدة، مما قد يكون له تداعيات طويلة الأجل بالنسبة لهم ولبلدهم. ووفقًا لإحصاءات حديثة، ترك الغزو الروسي بالفعل أكثر من 350.000 طفل أوكراني محرومين من التعليم، ومن المتوقَّع أن يتأثر عدة ملايين آخرين. إنَّ الآثار المتفاقمة للحرب والجائحة على التعليم تُهدِّد بترك جيل كامل من الطلاب الأوكرانيين يعاني من فجوات حادة في التعليم.

عندما تكون حياة الأشخاص مُعرضة للخطر، قد يبدو التعليم وكأنه رفاهية أو أمرًا ثانويًّا. لكن لا يمكن التأكيد بما فيه الكفاية على أهمية التعلم المتواصل دون انقطاع. إنَّ التعليم حقٌّ أساسي يجب ضمانه في جميع الظروف. كما أنه ضروري لسلامة الأطفال العاطفية والعقلية - لاسيما في أوقات الأزمات، كما أظهرت الجائحة. كلما طالت مدة بقاء الطالب محرومًا من الوصول إلى التعليم، زادت الآثار السلبية على الكفاءات الأساسية، وزادت احتمالات عدم إتمامه الدراسة في المستقبل.

إنَّ الأزمات الإنسانية مثل الحرب الشاملة التي نشهدها في أوكرانيا يمكن أن تُهدد الأطفال مدى الحياة. ومع ذلك، من شأن التعليم المتواصل دون انقطاع أن يخفِّف من آثار الصدمات ويساعد الأطفال على التعافي بمجرد انتهاء القتال. ولهذا السبب، لا ينبغي لنا إهمال التعليم أثناء حالات الطوارئ. كلما استعادت المدارس أنشطتها بشكل أسرع، أصبح ذلك أفضل للأطفال عبر مجموعة واسعة من الأبعاد.

إنَّ الاتحاد الأوروبي مُصمَّم على مساعدة قطاع التعليم في أوكرانيا. لكننا بحاجة ماسة إلى معالجة مسألة التجزئة في كيفية مساعدتنا لأوكرانيا. وما لم يتم تنسيق المساعدات الأوروبية، فإننا نخاطر بخلق تداخلات وفجوات، الأمر الذي يسمح لأوكرانيا في النهاية بتلقي دعم دون المستوى المطلوب.

وحرصًا على تحقيق أفضل استفادة من مواردنا، دعوتُ أخيرًا زملائي وزراء التعليم في الاتحاد الأوروبي إلى تشكيل فريق عمل خاص لزيادة الدعم لقطاع التعليم في أوكرانيا إلى أقصى حد. ثمَّ قمنا بمناقشة الاقتراح والمصادقة عليه خلال مؤتمر وزاري طارئ عُقِد في شهر مارس/ آذار.

يتلخَّص الهدف الأساسي لفريق العمل الجديد في تنسيق وتقديم أكبر دعم ممكن للطلاب الأوكرانيين القادمين إلى الاتحاد الأوروبي. تُركِّز السياسات الرئيسة التي تتشكَّل بالفعل - إضافة إلى الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالفعل لدعم الطلاب الأوكرانيين الوافدين - على الترحيب باللاجئين الشباب في مجتمعات المدارس المحلية، والمساعدة على دمجهم، وضمان رفاهيتهم.

ومن ناحية أخرى، يسعى فريق العمل إلى تعبئة وتنسيق جهود الدول الأعضاء والمجتمع المدني وقطاع الأعمال والمنظمات الدولية مثل اليونسكو واليونيسيف (وقد أعربت كلتاهما بالفعل عن دعمهما لمثل هذه المبادرات) لدعم الاحتياجات الملموسة للطلاب والمعلمين الذين لا يزالون في أوكرانيا. سوف نستفيد من الدروس المستفادة أثناء الجائحة ونستفيد استفادة كاملة من الأدوات الرقمية. يتمثَّل  الهدف في ضمان حصول الطلاب والمعلمين الأوكرانيين على المساعدة التي يحتاجون إليها، وضمان توزيع الموارد بكفاءة على جميع المجتمعات المحلية المحتاجة. ومن خلال تجميع مواردنا، يمكننا إثبات أنَّ العمل المشترك ينتج نتائج تفوق مجموع أجزائها.

وقبل انعقاد المؤتمر الوزاري الطارئ، أتيحت لي الفرصة لتقديم هذا الاقتراح إلى القادة الأوكرانيين، الذين أيَّدوا فرقة العمل بوصفها آلية قيمة لدعم قراراتهم. ومنذ ذلك الحين، قامت وزارة التعليم والعلوم الأوكرانية بالفعل بإعداد قائمة أولية تتضمَّن الاحتياجات الأكثر إلحاحًا في قطاع التعليم.

كانت استجابة الاتحاد الأوروبي للغزو الروسي لأوكرانيا غير مسبوقة من حيث النطاق والسرعة. ما نحتاجه الآن هو ضمان أن يتمَّ توجيه قوة أوروبا في قطاع التعليم من خلال وحدة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمجتمع المدني. يتم الدفاع عن قيمنا يوميًّا في أوكرانيا، وينبغي أن تُجسِّد استجابتنا تلك القيم أيضًا. وسط الموت والدمار، آمل أن يعمل تضامن الاتحاد الأوروبي مع الطلاب والمعلمين الأوكرانيين على تعزيز عزمهم على دعم الحرية. لقد حان الوقت الآن لاتخاذ إجراءات جماعية ملموسة. ويجب ألا نخذلهم.

نيكي كيراموس هي وزيرة التعليم والشؤون الدينية في اليونان.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2022.
www.project-syndicate.org